يتنامى الخوف والتوتر اتجاه فيروس كورونا أكثر مع الوقت حيث نرى ذلك في الأسواق ونشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي والمحادثات الجماعية وغيرها. الكثيرون خائفون وعاجزون عن تقبل ذلك التنامي المتسارع في أعداد المصابين بالمرض مع عجز العالم إلى اللحظة عن توفير اللقاح والعلاج المناسب لهذا الوباء.
ومع أن الخوف هو مشاعر نتعرض لها كثيرا في حياتنا اليومية كأفراد فهو أيضا مشاعر اجتماعية مشتركة تتفشى بين المجموعات والمجتمعات، وتشكل ردود أفعالنا اتجاه الأحداث الجارية. والخوف كالمشاعر الأخرى يمكن أن يكون معديا يتفشى بسرعة بين الأفراد ليزيد من تفاقم الأحداث ويدفع إلى نتائج خاطئة.
وهناك الكثير من الأخبار والتقارير المتعلقة بالمرض منذ منتصف شهر يناير المنصرم مع الكثير من الصحف التي تعمدت وتتعمد ذكر كلمة “الخوف” أو “الهلع” وعلاقتها بالمرض. ولقد وصفته تلك الأخبار والتقارير والصحف بالقاتل أو الفتاك، مما يعزز الخوف العام أكثر عند العامة بدلا من تزويدهم بالحقائق والمعلومات السليمة عما يحدث بالفعل أو تثقيفهم بكيفية التعامل مع الموقف.
أن سبب هذا الخوف والذي قد يصل في أحيان كثيرة إلى درجة الهلع، بسبب استجابتنا الذهنية لحالات الخطر بإفراز هرمون الأدرينالين والكورتيزول المسؤولان عن الضغط النفسي والتوتر لدى الإنسان. إضافة إلى كونها تزيد من نسبة التركيز والانتباه إلى أي تهديد محتمل قد يتعرض له الإنسان على اختلاف أشكاله.
ويعتبر هذا التركيز أمر بالغ الاهمية في أوقات الأزمات والمخاطر، لكن إذا لم يكن الخوف موجه نحو هدف صحيح فقد يتحول إلى حالة من الهلع. فمن الممكن أن يمتد الخوف إلى تفاصيل حياتنا اليومية ونتخذ على إثرها العديد من القرارات الخاطئة ونتبنى العديد من التصورات غير السليمة المرتكزة على مخاوفنا فقط. وليس من الغريب أن يحدث ذلك في عالمنا اليوم المترابط على مدار الساعة حيث تختلط علينا درجة المخاطر مع كل ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي ونشرات الأخبار والصحف وغيرها التي لا تتحرى الدقة والمصداقية فتعمل على تنشيط أذهاننا لتعزيز الخوف والهلع والعجز عن اتخاذ مواقف صحيحة وفي الحقيقة نحن بحاجة بدلا عن ذلك إلى أن نتعلم التزام الهدوء والتروي في مواجهة الخوف للتفكير بشكل صحيح للحفاظ على صحتنا النفسية والجسدية.
هناك ٤ خطوات مهمة للتعامل مع هلع كورونا وهي:
- تجنب قراءة أو مشاهدة أو سماع الأخبار المتعلقة بفيروس كورونا مثل عدد الإصابات والوفيات ونسب الانتشار لتجنب الخوف والهلع، مع ضرورة عدم المشاركة بأحاديث عائلية أو اجتماعية لها علاقة بتلك الأخبار.
- اقرأ أو شاهد أو استمع للإجراءات والاحتياطات التي تفيدك في كيفية حماية نفسك وحماية من حولك من الإصابة بالفيروس.
- التزم بالإجراءات الوقائية التي نصت عليها منظمة الصحة العالمية التزاما دقيقا كالبقاء في المنزل وعدم الخروج الا للضرورة القصوى وتجنب التجمعات والمناسبات الاجتماعية والأماكن المزدحمة والحفاظ على التباعد الاجتماعي (أي المسافة الآمنة مع الاشخاص الذين تتحدث أو تجلس معهم) واستخدام المعقمات والكمامات والأكل الصحي والتمارين الرياضية وغيرها.
- اشغل نفسك بأفكار وأعمال مفيدة كممارسة الهوايات المختلفة مثل القراءة والرياضة والرسم وغيرها.
وختاما إن العامل الحاسم والأساسي لمواجهة هذا الوباء هو الحقائق والمعلومات الموثوقة التي تنشرها وسائل الاعلام الرسمية، بالإضافة إلى عدم الانقياد وراء الشائعات والأخبار المزيفة ورسائل التواصل الاجتماعي المضللة التي تزيد من خوفنا وهلعنا وتؤثر على صحتنا النفسية بشكل سلبي. كل هذا سوف يساعدنا في الحصول على صورة واضحة عن المرض ومعرفة كيفية التعامل معه.
د. عبداللطيف الحمادة
استشاري الطب النفسي
مركز سلوان للطب النفسي